فصل: فصل: (سبب تسابق القوم إلى كفالة مريم عليها السلام):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الطبري:

يعني جل ثناؤه بقوله ذلك: الأخبار التي أخبرَ بها عبادَه عن امرأة عمران وابنتها مريم، وزكريا وابنه يحيى، وسائر ما قصَّ في الآيات من قوله: {إن الله اصطفى آدم ونوحًا}، ثم جمعَ جميعَ ذلك تعالى ذكره بقوله: {ذلك}، فقال: هذه الأنباء {من أنباء الغيب}، أي: من أخبار الغيب.
ويعني بـ {الغيب}، أنها من خفيّ أخبار القوم التي لم تطَّلع أنت، يا محمد، عليها ولا قومك، ولم يعلمها إلا قليلٌ من أحبار أهل الكتابين ورهبأنهم.
ثم أخبر تعالى ذكره نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أنه أوحى ذلك إليه، حجةً على نبوته، وتحقيقًا لصدقه، وقطعًا منه به عذرَ منكري رسالته من كفار أهل الكتابين، الذين يعلمون أنّ محمدًا لم يصل إلى علم هذه الأنباء مع خفائها، ولم يدرك معرفتها مع خُمولها عند أهلها، إلا بإعلام الله ذلك إياه. إذ كان معلومًا عندهم أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم أميٌّ لا يكتب فيقرأ الكتب، فيصل إلى علم ذلك من قِبَل الكتب، ولا صاحبَ أهل الكتُب فيأخذ علمه من قِبَلهم.
وأما {الغيْب} فمصدر من قول القائل: غاب فلان عن كذا فهو يَغيب عنه غيْبًا وَغيبةً.
وأما قوله: {نُوحيه إليك}، فإن تأويله: نُنَزِّله إليك.
وأصل الإيحاء إلقاء الموحِي إلى الموحَى إليه.
وذلك قد يكون بكتاب وإشارة وإيماء، وبإلهام، وبرسالة، كما قال جل ثناؤه: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [سورة النحل: 68]، بمعنى: ألقى ذلك إليها فألهمها، وكما قال: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} [سورة المائدة: 111]، بمعنى: ألقيت إليهم علمَ ذلك إلهامًا، وكما قال الراجز:
أَوْحَى لَهَا القَرَارَ فاسْتَقَرَّتِ

بمعنى ألقى إليها ذلك أمرًا، وكما قال جل ثناؤه: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [سورة مريم: 11]، بمعنى: فألقى ذلك إليهم إيماء.
والأصل فيه ما وصفتُ، من إلقاء ذلك إليهم. وقد يكون إلقاؤه ذلك إليهم إيماءً، ويكون بكتاب. ومن ذلك قوله: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [سورة الأنعام: 121]، يلقون إليهم ذلك وسوسةً، وقوله: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْأن لانْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [سورة الأنعام: 19]، ألقى إلي بمجيء جبريل عليه السلام به إليّ من عند الله عز وجل.
وأما الوحْي، فهو الواقع من الموحِي إلى الموحَى إليه، ولذلك سمت العرب الخط والكتاب وحيًا، لأنه واقع فيما كُتِب ثابتٌ فيه، كما قال كعب بن زهير:
أَتَى العُجْمَ والآفَاقَ مِنْهُ قَصَائِدٌ ** بَقِينَ بَقَاءَ الوَحْيِ فِي الحَجَرِ الأصَمّ

يعني به: الكتابَ الثابت في الحجر. وقد يقال في الكتاب خاصةً، إذا كتبه الكاتب: وحَى بغير ألف، ومنه قول رؤبة:
كَأَنَّهُ بَعْدَ رِيَاحِ تَدْهَمُهْ

وَمُرْثَعِنَّاتِ الدُّجُونِ تَثِمُهْ

إنْجِيلُ أَحْبَارٍ وَحَى مُنَمْنِمُهْ

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {إِذْ يُلْقُون أقلامهم أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}:

.قال ابن عادل:

{إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ}.
أقلام: جمع قَلَم، وهو فَعَل بمعنى مفعول، أي: مَقْلُوم.
والقَلْمُ: القَطْع، ومثله: القبض بمعنى المقبوض، والنقض بمعنى المنقوض، وجمع القلم على أقلام- وهو جمع قِلَّة- وحكى ابنُ سيدَه أنه يُجْمَع على قلام- بوزن رِماح- في الكثرة.
وقيل له: قَلَم؛ لأنه يُقْلَم، ومنه قلمت ظفري- أي: قطعته وسويته.
قال زهير: [الطويل]
لَدَى أسَدٍ شَاكِي السلاحِ مُقَذَّفٍ ** لَهُ لِبَدٌ أظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ

وقيل: سمي القَلَمُ قَلَمًا، تشبيهًا بالقُلامةِ- وهو نَبْتٌ ضعيفٌ- وذلك لأنه يُرقق فيَضْعف. اهـ.

.قال الماوردي:

{وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} فيه قولان:
أحدهما: أنهم تشاجروا عليها وتنازعوا فيها طلبًا لكفالتها، فقال زكريا: أنا أحق بها لأن خالتها عندي، وقال القوم: نحن أحق بها لأنها بنت إمامنا وعالمنا، فاقترعوا عليها بإلقاء أقلامهم وهي القداح مستقبلة لجرية الماء، فاستقبلت عصا زكريا لجرية الماء مصعدة، وانحدرت أقلامهم فقرعهم زكريا، وهو معنى قوله تعالى: {وَكَفَّلَهَا} وهذا قول ابن عباس، وعكرمة، والحسن، والربيع.
والقول الثاني: أنهم تدافعوا كفالتها لأن زكريا قد كان كفل بها من غير اقتراع، ثم لحقهم أزمة ضعف بها عن حمل مؤونتها، فقال للقوم: ليأخذها أحدكم فتدافعوا كفالتها وتمانعوا منها، فأقرع بينهم وبين نفسه فخرجت القرعة له، وهذا قول سعيد. اهـ.

.قال الفخر:

ذكروا في تلك الأقلام وجوهًا:
الأول: المراد بالأقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة وسائر كتب الله تعالى، وكان القراع على أن كل من جرى قلمه على عكس جري الماء فالحق معه، فلما فعلوا ذلك صار قلم زكريا كذلك فسلموا الأمر له وهذا قول الأكثرين.
والثاني: أنهم ألقوا عصيهم في الماء الجاري جرت عصا زكريا على ضد جرية الماء فغلبهم، هذا قول الربيع.
والثالث: قال أبو مسلم: معنى يلقون أقلامهم مما كانت الأمم تفعله من المساهمة عند التنازع فيطرحون منها ما يكتبون عليها أسماءهم فمن خرج له السهم سلم له الأمر، وقد قال الله تعالى: {فساهم فَكَانَ مِنَ المدحضين} [الصافات: 141] وهو شبيه بأمر القداح التي تتقاسم بها العرب لحم الجزور، وإنما سميت هذه السهام أقلامًا لأنها تقلم وتبرى، وكل ما قطعت منه شيئًا بعد شيء فقد قلمته، ولهذا السبب يسمى ما يكتب به قلمًا.
قال القاضي: وقوع لفظ القلم على هذه الأشياء وإن كان صحيحًا نظرًا إلى أصل الاشتقاق، إلا أن العرف أوجب اختصاص القلم بهذا الذي يكتب به، فوجب حمل لفظ القلم عليه. اهـ.

.فصل: [ما يدل عليه ظاهر الآية]:

قال الفخر:
ظاهر الآية يدل على أنهم كانوا يلقون أقلامهم في شيء على وجه يظهر به امتياز بعضهم عن البعض في استحقاق ذلك المطلوب، وإما ليس فيه دلالة على كيفية ذلك الإلقاء، إلا أنه روي في الخبر أنهم كانوا يلقونها في الماء بشرط أن من جرى قلمه على خلاف جري الماء فاليد له، ثم أنه حصل هذا المعنى لزكريا عليه السلام، فلا جرم صار هو أولى بكفالتها والله أعلم. اهـ.

.فصل: [سبب تسابق القوم إلى كفالة مريم عليها السلام]:

قال الفخر:
اختلفوا في السبب الذي لأجله رغبوا في كفالتها حتى أدتهم تلك الرغبة إلى المنازعة، فقال بعضهم: إن عمران أباها كان رئيسًا لهم ومقدمًا عليهم، فلأجل حق أبيها رغبوا في كفالتها، وقال بعضهم: إن أمها حررتها لعبادة الله تعالى ولخدمة بيت الله تعالى، ولأجل ذلك حرصوا على التكفل بها، وقال آخرون: بل لأن في الكتب الإلهية كان بيان أمرها وأمر عيسى عليه السلام حاصلًا فتقربوا لهذا السبب حتى اختصموا. اهـ.

.فصل: [من هم المختصمون؟]:

قال الفخر:
اختلفوا في أن أولئك المختصمين من كانوا؟ فمنهم من قال: كانوا هم خدمة البيت، ومنهم من قال: بل العلماء والأحبار وكتاب الوحي، ولا شبهة في أنهم كانوا من الخواص وأهل الفضل في الدين والرغبة في الطريق. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}:

.قال الطبري:

وإنما قيل: {أيهم يكفل مريم}، لأن إلقاء المستهمين أقلامَهم على مريم، إنما كان لينظروا أيهم أولى بكفالتها وأحقّ. ففي قوله عز وجل: {إذ يلقون أقلامهم}، دلالة على محذوف من الكلام، وهو: لينظروا أيهم يكفل، وليتبيَّنوا ذلك ويعلموه.
فإن ظن ظانّ أنّ الواجب في {أيهم} النصبُ، إذ كان ذلك معناه، فقد ظن خطأ. وذلك أن النظر والتبين والعلم مع أي يقتضي استفهامًا واستخبارًا، وحظ أىّ في الاستخبار، الابتداءُ وبطولُ عمل المسألة والاستخبار عنه. وذلك أن معنى قول القائل: لأنظُرَنّ أيهم قام، لأستخبرنَ الناس: أيهم قام، وكذلك قولهم: لأعلمن. اهـ.

.قال الفخر:

أما قوله: {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} ففيه حذف والتقدير: يلقون أقلامهم لينظروا أيهم يكفل مريم وإنما حسن لكونه معلومًا.
أما قوله: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} فالمعنى وما كنت هناك إذ يتقارعون على التكفل بها وإذ يختصمون بسببها فيحتمل أن يكون المراد بهذا الاختصام ما كان قبل الإقراع، ويحتمل أن يكون اختصامًا آخر حصل بعد الإقراع، وبالجملة فالمقصود من الآية شدة رغبتهم في التكفل بشأنها، والقيام بإصلاح مهماتها، وما ذاك إلا لدعاء أمها حيث قالت {فَتَقَبَّلْ مِنّي أنك أَنتَ السميع العليم} [آل عمران: 35] وقالت {إِنّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيَّتَهَا مِنَ الشيطان الرجيم} [آل عمران: 36]. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} في شأنها تنافسًا على كفالتها وكان هذا الاختصام بعد الاقتراع في رأي، وقبله في آخر، وتكرير {مَا كُنتُ لَدَيْهِمْ} مع تحقق المقصود بعطف {إِذْ يَخْتَصِمُونَ} على {إِذْ يُلْقُون} للإيذان بأن كل واحد من عدم الحضور عند الإلقاء، وعدم الحضور عند الاختصام مستقل بالشهادة على نبوته صلى الله عليه وسلم لاسيما على الرأي الثاني في وقت الاختصام لأن تغيير الترتيب في الذكر مؤكد لذلك قاله شيخ الإسلام. واختلف في وقت هذا الاقتراع والتشاح على قولين: أحدهما: وهو المشهور المعول عليه أنه كان حين ولادتها وحمل أمها لها إلى الكنيسة على ما أشرنا إليه من قبل، وثانيهما: أنه كان وقت كبرها وعجز زكريا عليه السلام عن تربيتها، وهو قول مرجوح، وأوهن منه قول من زعم أن الاقتراع وقع مرتين مرة في الصغر وأخرى في الكبر. اهـ.

.قال الطبري:

{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}.
يعني بذلك جل ثناؤه: وما كنتَ، يا محمد، عند قوم مريم، إذ يختصمون فيها أيُّهم أحقّ بها وأولى.
وذلك من الله عز وجل، وإن كان خطابًا لنبيه صلى الله عليه وسلم، فتوبيخٌ منه عز وجل للمكذبين به من أهل الكتابين. يقول: كيف يشكّ أهل الكفر بك منهم وأنت تنبئهم هذه الأنباءَ ولم تشهدْها، ولم تكن معهم يوم فعلوا هذه الأمورَ، ولست ممن قرأ الكتب فعَلِم نبأهم، ولا جالَس أهلها فسمع خبَرَهم؟ اهـ.

.قال القرطبي:

استدل بعض علمائنا بهذه الآية على إثبات القُرْعة، وهي أصل في شرعنا لكل من أراد العدل في القسمة، وهي سنة عند جمهور الفقهاء في المستويين في الحجة ليعدل بينهم وتطمئن قلوبهم وترتفع الظِّنة عمن يتولى قسمتهم، ولا يفضل أحد منهم على صاحبه إذا كان المقسوم من جنس واحد اتباعا للكتاب والسنَّة.
وردّ العملَ بالقُرْعة أبو حنيفة وأصحابه، وردّوا الأحاديث الواردة فيها، وزعموا أنها لا معنى لها وأنها تشبه الأزلام التي نهى الله عنها.
وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة أنه جوّزها وقال: القرعة في القياس لا تستقيم، ولكنا تركنا القياس في ذلك وأخذنا بالآثار والسنّة.
قال أبو عبيد: وقد عمِل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء: يونس وزكريا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن المنذر: واستعمال القرعة كالإجماع من أهل العلم فيما يقسم بين الشركاء، فلا معنى لقول من ردّها.
وقد ترجم البخاريّ في آخر كتاب الشهادات (باب القُرْعةِ في المشكِلات وقولِ الله عز وجل: {إذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ}) وساق حديث النعمان بن بشير: «مثل القائم على حدود الله والمُدْهِن فيها مثل قوم استهموا على سفينة» الحديثَ.
وسيأتي في الأنفال إن شاء الله تعالى، وفي سورة الزخرف أيضا بحول الله سبحانه، وحديث أمِّ العلاء، وأن عثمان بن مَظْعُون طار لهم سَهمُه في السُّكْنى حين اقترعت الأنصار سُكْنَى المهاجرين، الحديث، وحديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها؛ وذكر الحديث.
وقد اختلفت الرواية عن مالك في ذلك؛ فقال مرّةً: يقرع للحديث.
وقال مَرّة: يسافر بأوفقهنّ له في السفر.
وحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم الناس ما في النِّداءِ والصّفّ الأوّل ثم لم يجدوا إلا أن يستهِموا عليه لاستهموا» والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وكيفية القُرْعة مذكورة في كتب الفقه والخلاف.
واحتج أبو حنيفة بأن قال: إن القرعة في شأن زكريا وأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم كانت مما لو تراضوا عليه دون قرعة لجاز.
قال ابن العربيّ: وهذا ضعيف، لأن القرعة إنما فائدتها استخراج الحكم الخفي عند التشاحّ؛ فأما ما يخرجه التراضي فيه فباب آخر، ولا يصح لأحد أن يقول: إن القرعة تجري مع موضِع التراضي، فإنها لا تكون أبدًا مع التراضي، وإنما تكون فيما يتَشَاحّ الناس فيه ويُضَنُّ به.
وصفة القرعة عند الشافعيّ ومن قال بها: أن تُقطع رِقاع صغار مستوية فيكتب في كل رقعة اسم ذي السهم ثم تجعل في بنادق طين مستوية لا تفاوت فيها ثم تجفف قليلًا ثم تلقى في ثوب رجل لم يحضر ذلك ويغطي عليها ثوبه ثم يدخل يده ويخرج، فإذا أخرج اسم رجل أعطي الجزء الذي أقرع عليه. اهـ.

.فائدة: [من أحق بالحضانة؟]:

قال القرطبي:
دلت الآية أيضا على أن الخالة أحق بالحضانة من سائر القرابات ما عدا الجدّة، وقد قضى النبيّ صلى الله عليه وسلم في ابنة حمزة واسمها أمة الله لجعفر وكانت عنده خالتها، وقال: «إنما الخالة بمنزلة الأم» وقد تقدّمت في البقرة هذه المسألة.
وخرّج أبو داود عن عليّ قال: خرج زيد بن حارثة إلى مكة فقدِم بابنة حمزة فقال جعفر: أنا آخذها أنا أحق بها ابنة عمي وخالتها عندي، وإنما الخالة أم.
فقال عليّ: أنا أحق بها ابنة عمي وعندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي أحق بها.
وقال زيد: أنا أحق بها، أنا خرجت إليها وسافرت وقدِمت بها؛ فخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكر حديثًا قال: «وأما الجارية فأقضي بها لجعفر تكون مع خالتها وإنما الخالة أمٌّ».
وذكر ابن أبي خيثمة أن زيد بن حارثة كان وصِيّ حمزة، فتكون الخالة على هذا أحقَّ من الوصِيّ ويكون ابن العمّ إذا كان زوجًا غير قاطع بالخالة في الحضانة وإن لم يكن مَحْرَمًا لها. اهـ.